المنسيون
كلمات عابرة

العربي محمودي
أدرك كما يدرك غيري أن الكتابة في شأن لا يخص كرة القدم لا يلقى الاهتمام أو بمنطق السوق الذي يقول “أن الرياضات الأخرى لا تبيع” لكن أجدني دائما في موقف المضطر للخوض في ملفات بعيدة عن كرة القدم أرى أنها تستحق التفاتة ولو بسيطة.
في مشواري المهني تعرفت على ثلاثة مدربين في كرة اليد عن قرب كل منهم كتب إسمه في عالم التدريب بطريقته الخاصة مع الاتفاق على التميز
تعرفت على كمال عقاب عندما أشرف على نادي الريان القطري ونال معه اللقب الآسيوي إضافة إلى ألقاب محلية أخرى مواصلا بذلك مشواره الناجح الذي انطلق في الجزائر مع مولودية الجزائر وبعدها في تونس مع النجم الساحلي ..عقاب الهادئ الرزين خارج القاعة يتحول إلى شخص آخر على دكة البدلاء..لا يهدأ.. يصرخ وأحيانا قد يصل إلى ضرب أحد لاعبيه.. مدرب مجتهد يجمع بين خبرة اللاعب وحنكة الفني ورغم ألقابه بين قارتي آسيا وإفريقيا يخجلك بتواضعه ورغبته الدائمة للتعلم حتى أنه في بعض الأحيان كان يسمع مني الرأي في مباراة ما أو في مستوى لاعب معين رغم معرفتي السطحية بعالم الكرة الصغيرة
وفي مكان غير بعيد يتموقع المدرب لخضر عروش الذي كتب مسيرة حافلة بالألقاب القارية مع منتخبات الفئات السنية القطرية “الناشئين والشباب” ..عروش شخصية من نوع خاص يعشق كرة اليد.. مثقف جدا في أكثر من مجال حتى أنني كنت أتحاشى الحديث أمامه في الشعر والرواية خوفا من الخطأ.. كنت ألتقيه على طاولة غداء أو عشاء فننسى الأكل ونخوص في عالم كرة اليد ومنه تعلمت الخطط الدفاعية والفرق بين كل واحدة منهن بالتفصيل الممل والدقيق ومع ذلك يجد فرصة ليسمع من الآخر ويتجنب الحديث عن نفسه كما يرفض تسليط أضواء الإعلام على لاعبيه الناشئين خوفا عليهم من الغرور القاتل
وعند الحديث عن سفيان دراوسي يمكن تصنيفه في خانة المدربين الذي خانهم الحظ على الأقل في قطر حيث أشرف على العربي ..الأهلي والسد خلال فترة صعبة للناديين ومع ذلك تمكن من ترك بصمة واضحة.. دراوسي مدرب ذكي ومكافح.. مع مجموعة عادية من اللاعبين يمكنه أن يشكل فريقا منافسا ..قد يخفق في التتويج لكنه يصارع حتى اللحظات الأخيرة.. يجيد قراءة المنافس ويغير من طريقة أداء فريقه في المباراة بسرعة فائقة..عرفته عن قرب واستفدت منه الكثير
ثلاثة مدربين عرفتهم وقد تكون شهادتي لا قيمة لها لكني أتساءل ببراءة ..لماذا لم تستفد كرة اليد الجزائرية منهم؟
قد يقول البعض أن عقاب أخذ فرصته مع المنتخب لكن ماذا عن عروش ودراوسي كما أن الاستفادة ليست على مستوى المنتخب الأول فقط بل في المنظومة ككل ولماذا نتركهم عرضة للسفر بحثا على رزقهم خارج الوطن وهم في وطنهم “منسيون”
آخر الكلام: الجزائر بلد كرة اليد وليست كرة القدم فهي الرياضة الجماعية الأكثر تتويجا قاريا على مستوى المنتخب والأندية
* فيلم مغربي يسلط الضوء على معاناة المهاجرين